فصل: وفاة أبي الشوك وقيام أخيه مهلهل مقامه.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الفتنة بين أبي الفتح بن أبي الشوك وعمه مهلهل.

كان أبو الفتح بن أبي الشوك نائبا عن أبيه بالدينور واستفحل بها وملك قلاعا عدة وحمى أعماله من الغز فأعجب بنفسه ورأى التفوق على أبيه وسار في شعبان سنة إحدى وثلاثين وأريعمائة إلى قلعة بكورا من قلاع الأكراد وصاحبها غائب وبها زوجته فراسلت مهلهلا لتسلم له القلعة نكاية لأبي الفتح وكانت حالة مهلهل في نواحي الصامغان فانتظر حتى عاد أبو الفتح عن القلعة وجمعا العساكر لحصارها وسار إليها أبو الفتح فورى له عن قصده ورجع فأتبعه أبو الفتح فقاتله عمه مهلهل ثم ظفر به وأسره وحبسه وجمع أبو الشوك وقصد شهرزور وحاصرها ثم قصد بلاد مهلهل وطال الأمر ولج مهلهل في شأنه وأغرى علاء الدولة بن كاكويه ببلد أبي الفتح فملك عليه الدينور وقرميسين سنة اثنتين وثلاثين.
ثم سار أبو الشوك إلى دقوقا وقدم إليها ابنه سعدي فحاصرها وجاء على أثره فنقبوا سورها وملكها عنوة ونهب بعض البلد وأخذت أسلحة الأكراد وثيابهم وأقام أبو الشوك بها ليله ثم بلغه أن أخاه سرخاب بن محمد قد أغار على مواضع من ولايته فخاف على البندنجين ورجع وبعث إلى جلال الدولة سلطان بغداد يستنجده فبعث إليه العساكر وأقاموا عنده وسار مهلهل إلى علاء الدولة بن كاكويه يستصرخه على أخيه أبي الشوك على الاعتصام بقلعة السيروان ثم بعث إلى علاء الدولة يعرض له بالرجوع إلى جلال الدولة صاحب بغداد فصالحه على أن يكون الدينور لعلاء الدولة ورجع عنه ثم سار أبو الشوك إلى شهرزور فحاصرها وعاث في سوادها وحصر قلعة بيزازشاه فدافعه أبو القاسم بن عياض عنها ووعده بخلاص ابنه أبي الفتح من أخيه مهلهل فسار من شهرزور إلى نواحي سند من أعمال أبي الشوك ولما بعث إليه ابن عياض بالصلح مع أخيه أبي الشوك امتنع فسار أبو الشوك من حلوان إلى الصامغان ونهب ولاية مهلهل كلها وأجفل مهلهل بين يديه ثم تردد الناس بينهما في الصلح وعاد عنه أبو الشوك.

.استيلاء نيال أخي طغرلبك على ولاية أبي الشوك.

ثم سار إبراهيم نيال بأمر أخيه طغرلبك من كرمان إلى همذان فملكها ولحق كرساشف بن علاء الدولة بالأكراد الجورقان وكان أبو الشوك حينئذ بالدينور ففارقها إلى قرميسين وملكها نيال وسار في اتباعه إلى قرميسين ففارقها إلى حلوان وترك كل من في عسكره من الديلم والأكراد الشاذنجان وسار إليها نيال وملكها عليهم عنوة واستباحها وفتك في العسكر ولحق فلهم بأبي الشوك في حلوان فقدم أهله وذخيرته إلى قلعة السيروان وأقام ثم سار نيال إلى الصيمرة فملكها ونهبها وأوقع بالأكراد المجاورين لها في الجورقان فانهزموا وكان عندهم كرساشف بن علاء الدولة فلحق ببلد شهاب الدولة وشرد أهلها في البلاد ووصل إليها نيال آخر شعبان فملكها وأحرقها وأحرق دار أبي الشوك وسارت طائفة من الغز في أثر جماعة منهم فأدركوهم بخانقين فغنموا ما معهم وانتشر الغز في تلك النواحي وتراسل أبو الشوك وأخوه مهلهل وكان ابنه أبو الفتح قد مات في سجن مهلهل فبعث مهلهل ابنه وحلف له أنه لم يقتله وإن ثبت فاقتل أبا الغنائم بثأره فقبل ورضي واصطلحا على دفاع نيال عن أنفسهما وكان أبو الشوك قد أخذ سرخاب أخوه ما عدا قلعة دور بلونه وتقاطعا لذلك فسار سرخاب إلى البندنجين وبها سعدي بن أبي الشوك ففارقها سعدي إلى أبلة ونهبها سرخاب.

.وفاة أبي الشوك وقيام أخيه مهلهل مقامه.

ثم توفي أبو الشوك فارس بن محمد سنة سبع وثلاثين وأربعمائة بقلعة السيروان من حلوان وقام مقامه أخوه مهلهل واجتمع إليه الأكراد مائلين إليه عن ابن أخيه سعدي بن أبي الشوك فلحق سعدي بنيال أخي طغرلبك يستدعيه لملك البلاد ولما استولى مهلهل بعد موت أخيه أبي الشوك وكان نيال عندما غدا من حلوان ولى على قرميسين بدر بن ظاهر بن هلال بن بدر بن حسنويه فسار إليها مهلهل سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة فهرب بدر عنها وملكها وبعث ابنه محمدا إلى الدينور وبها عساكر نيال فهزمهم وملكها.

.استيلاء سعدي بن أبي الشوك على أعمالهم بدعوة السلجوقية.

ولما ملك مهلهل بعد أخيه أبي الشوك تزوج بأم سعدي وأهله وأساء معاملة الأكراد الشاذنجان فراسل سعدي نيال وسار إليه بالشاذنجان فبعث معهم عسكرا من الغز سنة تسع وثلاثين وأربعمائة فملك حلوان وخطب فيها لإبراهيم نيال ورجع إلى مايدشت فخالفه عمه مهلهل إلى حلوان فملكها وقطع منها خطبة نيال فعاد سعدي إلى عمه سرخاب فكبسه ونهب حلله وسير إلى البندنجين جمعا فقبضوا على نائب سرخاب ونهبوها وصعد سرخاب إلى قلعة دوربلونة وعاد سعدي إلى قرميسين وبعث مهلهل ابنه بدرا إلى حلوان فملكها فجمع سعدي وأكثر من الغز وسار فملك حلوان وتقدم إلى عمه مهلهل فلحق بتيرازشاه من قلاع شهرزور واستباح الغز سائر تلك النواحي وحاصر سعدي تيرازشاه ومعه أحمد بن ظاهر قائد نيال ونهب الغز حلوان وأراد مهلهل أن يسير إلى ابن أخيه فتكاسلوا ثم قطع سعدي البندنجين لأبي الفتح بن دارم على أن يحاصر معه عمه سرخاب بقلعة دوربلونة فساروا إليها وكانت ضيقة المسلك فدخلوا المضيق فلم يخلصوا وأسر سعدي وأبو الفتح وغيرهما من الأعيان ورجع الغز عن تلك النواحي بعد أن كانوا ملكوها.